التداوي بالأعشاب والنباتات الطبية


     بقلم الدكتورسفيان تركي العديلي
     طبيب و باحث في مجال الطب التكميلي و الطب البديل. 

 

منذ الزمن البعيد وعلى مر العصور تم التداوي بالاعشاب والنباتات ذات الخصائص العلاجية وهذا ليس بالمستغرب لان الكثير من المستحضرات الصيدلانية الحديثة مستخلصة من النباتات. وما علم البوتانيك ( خصائص النباتات ) الا ترجمة موسعة وحديثة وعلمية للدراسات البدائية المعنية بالخواص الصيدلانية للنباتات ومكوناتها .

وقد دلت الدراسات ان جميع الحضارات القديمة ومنها الحضارة الفرعونية وحضارة ما بين النهرين والحضارة الفينيقية واللاتينية والافريقية والهندية والصينية وكذلك حضارات قبائل امريكا الجنوبية قد استخدمت الاعشاب والنباتات في علاج الامراض وفي عمليات الغسيل والتطهير والتعقيم وقد وصل بهم الامر لبناء اعتقادات مبالغ فيها وبعيدة عن الواقع.

 ونظرا لما تزخر به مواقع التواصل الاجتماعي حاليا من مقالات ومدونات حول الاستطباب بالاعشاب وما تحويه من معلومات كثير منها صحيح و لكن يتخلله أيضا  الكثير من المبالغة في تضخيم الفوائد المرجوة من بعض النباتات حتى اصبح موضوع القضاء على مرض السرطان والسكري وغيرها يبدو وكانه في متناول اليد مما يشيع آمالا كاذبة ومما يدي الى انتكاسات عضوية ونفسية لبعض المرضى، من هنا ارتأيت الشروع في تناول هذا الموضوع على نحو معتدل بعيدا عن الآمال الزائفة ومتوخيا الحذر من ايهام المرضى بان العلاج بالاعشاب هو بديل للعلاج الطبي التقليدي وانما هو علاج تكميلي في حالات وبديل في حالات اخرى ولذا يتوجب على كل قارىء ومستخدم للاعشاب الرجوع الى طبيبه المعالج في حالة ملاحظته لاي عارض غريب ، كما انه يلزم التنويه ان هذه المقالات لا تغني عن استشارة الطبيب ولا تعتبر وصفات رسمية للعلاج .


اللافندر الخزامى


هذه هي الحلقة الاولى من مدونتي " الاعشاب والنباتات الطبية " والتي سيتم من خلالها بيان الخصائص العلاجية لبعض الاعشاب والنباتات السائدة والفائدة العملية المرجوة منها الى جانب كيفية زراعتها وتحضيرها واستخدامها .
 وسوف اتناول في الحلقات القادمة المزيد من النباتات الدارجة والسائدة آملا لكم قراءة ممتعة وراجيا عدم التردد في التواصل معي او مع ادارة الموقع في حالة وجود اي استفسار .

                                                الخزامى                                             


التعريف المختصر:

الخزامى هي شجيرة معمرة دائمة الخضرة ذات سيقان خشبية يصل ارتفاعها ل 100 سم  وتحمل اوراق رفيعة مدببة ذات لون اخضر يميل الى الرمادي وهي ليست مجرد عشبة طبية وذلك لما لها من استخدامات عديدة كمعطر ومطهر ومهدىء مزيل للتوتر ومعدل للمزاج الى جانب خصائصها العلاجية.
وتتمحور فائدة الخزامى في زيتها الذي يستخلص من زهورها البنفسجية او الزرقاء اللون.



التسمية :

        ✓ الاسم الشائع : الخزامى ( اللافندر او اللاوند ) ومن مسمياتها باللغة العربية نبات الجنة ونبتة الحب وهدية الله للارض وذلك لما لها من رائحة جميلة عطرة ومناظر والوان محببة . 
         الاسم العلمي: Lavandula officinalis ، Lavandula vera ، Lavandula agustifolia
وياتي اصل هذا الاسم Lavander من الكلمة اللاتينية Lavare و تعني " غسل " وذلك للاعتقاد السائد بقدرتها على غسل وعلاج الجروح الجسدية والعاطفية .

وصف نبات اللافندر/الخزامى

الخزامى هو نبات من عائلة lamiaceae ، والتي تشتمل على اكثر من 30 نوعا متداولا  ولهذا فمن السهل الخلط بين انواعها المختلفة وخاصة بالنسبة للغير متخصص في الزراعة . ولكن النوع الشهير والذي ينتشر في منطقتنا هو من نوع اللافندر
ويمتاز الخزام باحتوائه على اروما عطرية (شذى) مميزة ومحببة جدا جعلت هذا النبات يتربع على عرش النباتات العطرية وحولته إلى جوهرة على الصعيد التجاري في فرنسا تحديدا وفي كثير من الدول المنتجة للعطور ، فمكوناته تستخدم على نطاق واسع في تركيبات العطور والكولونيا ومزيلات رائحة العرق ومعطرات الجو والشامبو ومستحضرات التجميل والعنلية بالبشرة الى جانب الاستعمالات العلاجية .



كيفية زراعة الخزامى


التركيب الكيميائي والعناصر الفعالة : يحتوي اللافندر على العديد من المواد الفعالة بنسب متفاوتة ومنها على سبيل المثال وليس الحصر:
   - اسيتات الينالين
   - لينانول .
   - هيدروكسي كومارين .
   - كاريوفيلين .
   - جيرانيول.
   - ليمونين
   - بوريول.
   - كورامين.
   - سابونين .
   - كامفور.
علما ان الجزء المحتوي على المواد الفعالة هي الزهور بالدرجة الاولى .


أشكال المستحضرات الخزامية :

مثل سائر المستحضرات العشبية يستعمل الخزامى على احد الاشكال التالية :
 الزهور الطازجة : بشكلها اليانع وهذا الشكل من الصعب الحصول علية الا في فترات موسمية ولمن يمتلك هذه النبتة في حديقته الخاصة وللحصول على الزهور في افضل مراحل نموها فانه يلزم مراقبتها وقطفها عند بداية تفتحها وفي ساعات الصباح الباكر. ويستخدم عن طريق الاستنشاق او تحضير شاي الخزام او تحضير خلطات ومستحضرات الى جانب مكونات اخرى كالكحول وزيت الزيتون وزيت الالوي فيرا وغيرها .
✓ الزهور المجففة : وهذه يمكن تجفيفها منزليا على ان يتم ذلك في الظل وبدرجة حرارة لا تتعدى ال 35 درجة مئوية لتفادي تبخر المواد الفعالة اثناء التجفيف كونها من العناصر المتطايرة . وتستخدم في تحضير المستحضرات وذلك بمزجها بعناصر اخرى او بحفظها مجففة في باقات صغيرة او اكياس قطنية لاستعمالها لتحضير شاي الخزامى او لوضعها في الخزائن والادراج لتعطير الملابس وحمايتها من العث .
 زيت اللافندر ( الخزامى) وهو زيت عطري مركز يمكن تحضيره منزليا لمن لديه المعرفة والخبرة او يمكن الحصول عليه من المتاجر المختصة بالعطور والزيوت العطرية ومحلات العطارة .
 المستحضرات أو الصبغات الكحولية: بحيث يتم خلط زيت الخزامى الاساسي مع كمية من الكحول وبحيث يمكن حفظة ليتم تناوله عن طريق الفم في حالات معينة .


الاستخدامات :

 للخزامى استخدامات عديدة وكثيرة وسوف احاول تبويبها في اربعة عناوين رئيسية تسهيلا للاطلاع عليها .
   ✓ الاستخدامات الطبية العلاجية .
   ✓ الاستخدامات الترفيهية الصحية.
   ✓ الاستخدامات المنزلية .
   ✓ المكياج والعناية بالبشرة والشعر .

الاستخدامات الطبية العلاجية :

1- يستخدم الخزامى في معالجة الجروح والكدمات ، التقرحات الجلدية ، الحروق ، الحساسية ومكافحة الاكزيما والرعاية العامة للبشرة وكذلك العناية بالشعر والقضاء على القمل والصئبان . وذلك لما لهذه النبتة من خصائص فريدة تعمل على :
      *  تجديد الخلايا والانسجة.
      
 تحفيز عملية التئام الجروح .
      تطهير الجلد ومكافحة الفيروسات والبكتيريا والفطريات حيث تعمل كمضاد حيوي طبيعي للالتهابات وخاصة الجلدية منها .
ويتم ذلك بتطبيق مستحضرات مكونة من زيت اللافندر باحد الاشكال السالفة الذكر .

2- يستخدم اللافندر كعلاج للصداع النصفي ( الشقيقة ) الناتج عن التوتر النفسي والإرهاق العصبي وذلك عن طريق استنشاق الزهور اليانعة او المجففة او عن طريق تناول شاي زهور الخزامى او زيت اللافندر المحلول بالكحول.

3- علاج للارق والتوتر النفسي بحيث يعمل كمهدىء فعال لبث السكينة واراحة الاعصاب وهذا ينطبق على حالات التوتر الاعتيادية والمرضية ولكن يجب الانتباه الى انه لا يسمح باخذه الى جانب عقاقير مكافحة التوتر والمهدئات النفسية عند المرضى النفسيين وذلك لتفادي تضاعف الفعالية . 

4- مهدىء للاعصاب ومحسن للمزاج ومخفف للالم في حالات الحمل والولادة والتوتر الناجم عن ضغوطات العمل والدراسة في مواسم الاختبارات وفي حالات الغثيان والاكتئاب والضجر وفقدان الامل.

5- زيت الخزامى يعد صديق للبشرة حيث يستخدم لمعالجة حروق الشمس لمرتادي الشواطىء والحروق الناجمة عن العمل في العراء كما في حالة المزارعين وعمال البناء . اضافة لذلك يستعمل في علاج لدغات الحشرات والكدمات والصدفية وتقرحات الفراش للعجزة وكبار السن .


زراعة اللافندر

الاستخدامات الترفية الصحية :

رغم ان رائحة اللافندر تتميز بمفعولها المهدىء والمسكن في حالات الارق والصداع الا انها تمتاز ايضا بكونها مثيرة للاحاسيس والعواطف وذلك عند استخدامها في جلسات المساج الصحية والترفيهية spa ولاستثارة الرغبات النائمة في حالات الاكتئاب العاطفي وفقدان الاهتمام بالجنس الآخر. وغالبا ما تكون غرف الفنادق الخاصة بشهر العسل معطرة بعبير الخزامى.


الاستخدامات المنزلية :

1- تستخدم لتعطير وتطييب الغرف ودورات المياه وخاصة الفراش بغرف النوم لما       تنثره من شذى عطري يساعد على الاسترخاء ويحسن المزاج ( نقطتين الى ثلاتة ) من   الزيت على قطعة قماش ووضعها تحت المخدة . او باستخدام الفواحة ، ولا ينصح   باستخدام الرذاذ بالعبوات المضغوطة لانه مصنع غالبا من مركبات كيماوية صناعية لا   تمت بصلة للخزامى الحقيقي .
2- في المطبخ يستخدم لتحضير شاي الخزام وكذلك يمكن اضافته الى المخبوزات   والحلويات والكوكتيلات والسموثيس وكذلك في الطهي كبهار ومطيب طعام ويعتمد ذلك بالطبع على العادات الغذائية والذوق الخاص للفرد مثله مثل باقي البهارات.
3- 
تعطير بوكيهات الزينة والزهور المجففة والزهور الصناعية .
'4- حفظ وتعطير الحرامات والبطانيات والملابس المخزنة .

المكياج والعناية بالبشرة والشعر .

الى جانب الاستخدامات العلاجية للامراض الجلدية فان للخزامى دور كبير في صناعة منتجات العناية بالبشرة والعطور والمكياج ومستحضرات العناية بالشعر. وكذلك كمزيل لرائحة العرق .
ومن امثلة استخداماته الصناعية :
    1- يدخل في صناعة كريمات البشرة .
    2- من المستحضرات المستخدمة مؤخرا في علاج حب الشباب .
    3- صناعة الصابون السائل والصلب .
    4- صناعة الشامبوهات لما يضفيه من حيوية ونضارة للشعر اضافة الى الرائحة المميزة.

الاستخدامات الخاصة بالمرأة :

      1-  تخفيف آلام ما قبل المحيض.
      2- تنشيط الدورة الدموية للححوامل .
      3- الحد من تشنجات الرحم اثناء الحمل.
      4- تخفيف اعراض الغثيان عند الحامل .
      5- التخلص من رائحة العرق . يعد افضل رائحة تتفاعل من طبيعة عرق المرأة .
      6- التخفيف من اعراض حب الشباب لذوات البشرة الدهنية.
      7- مقاومة الالتهابات المهبلية والافرازات .
      8- غسول مهبلي فعال ضد البكتيريا والفطريات ( لغير الحوامل ) .
      9- معطر وطارد للعث وذلك عن طريق وضع اللافندر في الدواليب وادراج الملابس الداخلية.


موانع الاستعمال :

ليس هناك موانع معروفة ومؤكدة ولكن نظرا لخواص اللفندر المهدئة والمسكنة فانة يمنع استخدامه الى جانب المهدئات النفسية حيث انه قد يؤدي الى المزيد من الاسترخاء ، كما انه ينصح بتوخي الحذر عند استخدام زيوت اللافندر من قبل الاشخاص الذين يعانون من الحساسية المفرطة وخاصة الاطفال .


زراعة اللافندر في السعودية



⧫ والان وبعد ان اطلعنا على ميزات وفوائد هذه النبتة الرائعة ، لم يبق عليكم سوى الحصول على اشتالها او بذورها والشروع بزراعتها والاستمتاع بها علما انه من النباتات سهلة الزراعة والعناية وايكم فيما يلي موجز سريع عن طبيعة النبتة وطريقة زراعتها.


كيفية زراعة نبات اللافندر

تعتبر الخزامى من النباتات القوية المقاومة للتقلبات والظروف المناخية وهو من نباتات البحر الابيض المتوسط ولذا فهي تفضل الجو المشمس ( ثمان ساعات ) والدافىء كما انها تنمو في جميع انواع التربة وان كانت تفضل النوع الرملي وجيد التصريف ولذا يمكن زرعها في اوعية ( قوار ، سندان ، اصص ) أو في التربة مباشرة. يجب التحذير من ان زيادة مياه الري قد تؤدي الى تعفن الجذور في حالة عدم تصريف الماء الزائد .
لذا في حالة زرعها في وعاء ، يجب ان يكون هذا الوعاء مخروما بالاسفل ويجب وضعه على قاعدة مرفوعة لتسهيل تصريف المياه الزائدة:
رغم قدرة الخزامى على المقاومة الا انه يستحسن زرعها في اماكن محمية من التيارات الهوائية والصقيع .



التسميد:

 تسمد بواسطة مرة واحد في بداية فصل الربيع ومرة اخرى بالصيف ان لزم .

الحصاد :

يتم حصاد الزهور في بداية تفتحها وفي ساعات النهار الاولى حيث يمكن استخدامها طازجة او ويتم حفظها وتجفيفها في باقات صغيرة تحفظ بشكل مقلوب في الظل وبدرجات حراة اقل من 35 درجة مئوية . 


التقليم :

يجب تقليم الخزامى سنويا في فصل الربيع لتجديد السيقان والحد من نموها طوليا وتقليل التشابك حيث ان عدم التقليم سيؤدي الى نمو السيقان بطريقة خشنة وتتحول بعدها الى خشبية متشابكة وتفقد رونقها الجمالي كما ان ذلك سيحد من ظهور الفروع الجديدة ويقلل من الزهور .

مع تحيات الدكتور : سفيان تركي العديلي
كل حقوق النشر والطبع والاقتباس والملكية الفكرية مكفولة للدكتور سفيان تركي العديلي